صفات أهل التقوى والإيمان
1- الذين ينفقون في السراء والضراء : من صفات الله تعالى الكرم والجود ، والسعيد من يحاول التحلي ببعض هذه الصفات التي يحبها المولى سبحانه . ومن كان جواداً كريماً كان هماماً واضح الإحساس زكي النفس ذكي الفؤاد ، يحب الخير للعباد ، ويساعد ذا الحاجة الملهوف ، يقصده الناس لقضاء حوائجهم وتفريج كروبهم . " الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله " و" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة " . والكرم والجود من أخلاقه في حالاته كلها . قال المفسرون : في حالة السراء والضراء ، والعسر واليسر ،والرخاء والشدة ، والرضا والغضب ، في حال الصحة والمرض . فالإنفاق - على هذا- متأصل في نفوسهم ، وسجية في طبائعهم .
2- ، والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين . ثلاث صفات رائعات يتدرج المتقي فيها ليصل إلى أفضلها . أولها: كظم الغيظ – حبسه ومنعه من الثوران والتصرف الهائج – فهو الصبر إذاً ...والصبر نور في البصر والبصيرة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :" والصبر ضياء " وقال تعالى " إن الله يحب الصابرين " وعلى المسلم الداعية أن يتجاوز عن إساءات الناس إذا أراد أن يصل إلى قلوبهم ، ويلج عقولهم ، فيحبوه ويتبعوه ، وقد جبل الناس على الضعف والخطأ الذي يولد الأذى فقد قال صلى الله عليه وسلم :" المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . "ولا ننس أن كظم الغيظ لا يعني نسيانه ، إنما تناسيه ، والفرق بينهما واضح جليّ . فإذا نجح المسلم في السيطرة على نفسه فحبس غيظه دخل في المرتبة الثانية : العفوعن الناس والعفو نسيان ما كان منهم ، ومسامحتهم، وكأن شيئاً لم يكن . فقد كان الرسول الكريم يعفو عمّن ظلمه ، والسيرة مليئة بهذه المواقف النبوية الرائعة في العفو والصفح عن المسيء، وتاريخ الصالحين من أسلافنا شاهد على ذلك . والعفو دليل سمو الأخلاق ورجاحة العقل ، ولن يكون الداعية ناجحاً إذا عامل الناس بالمثل . إنه إن عاملهم كذلك لم يتميّز عنهم . والقرآن الكريم يدعونا إلى العفو " وأن تعفوا أقرب للتقوى " ويقول : " وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم " هذا مع المسلمين . وكذلك مع غير المسلمين فإن العفو عنهم رفع مقام للمؤمن ، وزيادة في عقاب الكافر " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون " وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصُرَعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " بل إن الإنسان إذا تحمّل أذى الآخرين نال ثواباً عظيماً يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من جَرعة يتجرعها العبد خيرٌ له وأعظم أجراً من جرعةِ غيظ في الله . فإذا نجح المسلم في الدرجة الثانية جازها إلى الدرجة الأخيرة الراقية الإحسان الذي يحبه الله تعالى ويحب أهله " والله يحب المحسنين " ودرجة الإحسان أنك تعبد الله " كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " فأنت على هذا في المعية الإلهية . قال سريٌ السقَطيّ : الإحسان أن تحسن في وقت الإمكان ، فليس كل وقت يمكنك الإحسان فيه . وقال الشاعر أبو العباس الجمّني :
ليس في كل ساعة وأوانِ *** تتهيّـا صنائع الإحسـان
وإذا أمْكـَنَـتْ فبـادر إليهـا *** حذراً من تعذّر الإمكان
وقد أورد القرطبي في المحسن : من صحح عقد توحيده ، وأحسن سياسة نفسه ، وأقبل على أداء فرائضه ، وكفى المسلمين شرَّه .
3- ، والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم
ا- ذكروا الله ..........
ب- فاستغفروا لذنوبهم – ومن يغفر الذنوب إلا الله؟- ،
ج- ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون . ما من أحد لم يقترف ذنباً ، أو يجترح إثماً فالإنسان خطّاء كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وخطّاء تعني كثير الأخطاء . لكن التائب بصدق يتوب الله تعالى عليه ، وهؤلاء في هذا الصنف دون الصنف الأول ، فألحقهم الله بهم منّاً منه وكرماً ، وهؤلاء هم التوّابون . الذين يقعون في الفاحشة ، ثم يستدركون ويتوبون إلى الله تعالى ، فيتوب عليهم ويغفر لهم . أما ظلم النفس هنا فالخطأ دون الكبائر .. هؤلاء يذكرون الله تعالى ويعلمون أنهم أغضبوه فيسارعون للاستغفار والتوبة والأوبة إليه سبحانه فهو وحده الذي يقبل توبتهم، ويقيل عثرتهم . فإذا كان الله وحده من يغفر الذنوب فاللجوء إليه وحده الطريق الصحيح للتخلص من الذنوب والآثام . والتوبة لها شروط ثلاث كما ذكر العلماء اعتماداً على هذه الآية الكريمة أن :
1- يقلع الإنسان عن المعصية . 2- وأن يندم على فعلها 3- وأن يعزم أن لا يعود إليها .
فإذا كانت المعصية بحق غير الله زيد شرط رابع 4- أن يعيد الحق لصاحبه وأن يستسمح منه .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما من عبد يذنب ذنباً ، ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ، ثم يستغفرُ الله ،إلا غفر له " ثم تلا الآية الكريمة " والذين إذا فعلوا فاحشة ...." ومن علم أنه واقف يوماً أمام الله تعالى - " وهم يعلمون " - خاف ورجا، ورغب ورهب ، فأسرع تائباً إلى الله عز وجل .